زيادة سرعة القراءة بطريقة Spritz

0
ملاحظه :- هذه القصه مقتبسه لا تمثل الناشر

عكفت على القراءة ولله الحمد منذ نعومة أظافري وأصبحت نهِما لها في الصبى ومهووسا بها في ريعان الشباب، وكانت الرواية ذات الخمسمائة صفحة لا تستغرق معي أكثر من ثلاث أو أربع
ساعات قراءة متواصلة. بالطبع الأمر يختلف في قراءة الكتب لأن الكتاب يحتاج فهما أعمق ودراسة متأنية. فلا قيمة للكتاب الذي تقرؤه وتقول إنك قرأته إذا لم تستطتع تلخيصه في عدة أسطر.
تعقّد الأمر أكثر حينما بدأت في قراءة الكتب الإنجليزية المتخصصة في الجامعة، ولم أكن أواجه مشكلة في اللغة ولله الحمد لتمكني منها في سن مبكرة، لكن المشكلة كانت في استيعاب النص الجديد والمفردات الجديدة التي تصر الهندسة على إضافتها (درست بكالوريوس هندسة مدنية إذا كان الفضول يقتلك لمعرفة ماذا درست). وأذكر أن كتاب الكيمياء الذي أحتفظ به إلى الآن بالطبع يحتوي في صفحاته الأولى على أشجار من المفردات المترجمة إلى العربية
. ثم نصحني والدي بصفته مدرّسا للغة الإنجليزية بأن لا أترجم إلى العربية وأكتفي بالترجمة من الإنجليزية إلى الإنجليزية وذلك لتسهيل حفظ الكلمة والتفكير باللغة الإنجليزية وحيث أن أبي إنسانا مبادرا، فقد أرسل لي من غزة إلى أنقرة قاموس Longman الورقي (كان ذلك في عام 1996 إذا كان الفضول ما زال يستعر داخلك) بل وكتب على أول ورقة منه (To my dearest son) وبالطبع ما زلت أحتفظ بذلك القاموس. وعرفت يومها قيمة قاموس Longman وما زلت حتى اللحظة أفضله على ما سواه من القواميس.
المهم أني في الدكتوراه ولأن دراستي تعنى بدراسات المنظمات، فإن هذا المنعطف التخصصي أدلى ب..( كلا بل عصف ب..) طريقة قراءتي، فبعد أن اعتدت على كتب الهندسة وصارت قراءتها يسيرة سلسة، واجهت مشكلة ذات نصلين في الدكتوراه. فمن ناحية، أنا مهندس من حيث الدراسة، وإن كانت طبيعة عملي إدارية، وجد نفسه يقرأ في علوم الاجتماع. ومن ناحية أخرى، كتب علوم الاجتماع ومقالاتها دسمة جدا من حيث المحتوى اللغوي والأداء السردي. طبعا ناهيك عن أنصال أخرى كالوقت الزمني المحدد في الدكتوراه، وعملي أثناء الدراسة.
لاحظت أن قراءتي بطيئة، ولأني ولله الحمد أمتلك عينا ناقدة نافذة، فقد لاحظت أعراض هذا البطء ثم استخدمت العقل الهندسي (أرجوك دقق، ليس الهندوسي) الذي لا يختفي إلا قليلا أثناء التفكير، وقمت بحساب عدد الكلمات التي أقرؤها في الدقيقة وكان الأمر مثيرا للكآبة فقد وجدت ثيرموستات الكلمات لدي يقترب من درجة الغليان أي ما يقارب المائة كلمة في الدقيقة قريبا، وأحيانا ينخفض منسوب الزئبق دون المائة إذا كانت المقالة صعبة عصية الثمر لا تعرف للرحمة نهي ولا أمر. ثمة علماء ومؤلفون يمتلكون هواية أصيلة في جعل الحياة أكثر صعوبة، كما تعلمون. وساررت مشرفي بذلك وقال لي إن هذا أمر عادي، يواجهه حتى الطلبة الناطقون باللغة الإنجليزية، فأنت حولت مسار دراستك من الهندسة إلى علوم المنظمات وهي تحويلة ليست سهلة كما ترى، وستعتاد الأمر بمرور الوقت. لكني لم أهدأ ومرة أخرى ارتديت قبعة الهندسة الصفراء أو البيضاء إن شئت لا فرق، وقمت بحساب معدل قراءة الصفحة ومعدل قراءة المقالة وصممت صفحة على برنامج إكسل لمراقبة تقدم سيري في القراءة. رباه، أنا أغرق… أريد حلا (كان برنامجا تلفزيونيا.. إذا كانت تذكره فهذا يعني أنك كبير في السن… النساء سيصبن الآن بفقدان ذاكرة جزئي).
بحثت في الإنترنت ووجدت مقالات ودورات تتحدث عن تسريع الكتابة، والتحقت بواحدة في الجامعة توفرها الجامعة مجانا للطلبة. لكن الدورة كانت خائبة أو مخيبة للآمال إن شئت الدقة. فقررت الاعتماد على نفسي وحاولت تسريع القراءة من خلال التركيز في قراءة أكثر من كلمة في وقت واحد، وأحيانا أمسك بطرف القلم وأمرره على الكلمات. وجدت أن طريقة القلم جيدة. وعرفت أمرا جديدا. أدركت أن مشكلتي تمكن في أني أستغرق وقتا أطول مما ينبغي في قراءة الكلمة وأن عقلي يرددها داخليا وكلما قفزت من كلمة إلى لاحقتها وجدت عقلي يستخدم وضع العودة (Reverse) ويعود إلى الكلمة التي سبقتها من أجل التأكد من ترابط الكلمات. اقتربت من مرحلة شد الشعر وضرب رأسي بالحائط وربما في مراحل متقدمة ضرب الحائط برأسي (وهي تختلف لو لاحظت). والحمد لله أنني لم أصل إلى مرحلة النجوم التي تحوم حول رأسي ولساني متدله إلى الخارج وعيناي حولاوتان.

مضيت عازما في شق طريقي، وأنا أبحث دوما عن مقالات وفيديوهات يوتيوب، والكل يقول لك اقرأ كلمتين في آن واحد، ثم بعد فترة زدها إلى ثلاث ثم أربع وهكذا إلى أن … أن ماذا؟ هل سأقرأ السطر كاملا دفعة واحدة؟ لم أقتنع كثيرا بهذا الحل، فأنا أعرف مشكلتي. مشكلتي ليست قراءة كلمة كلمة، بل التدبر في كل كلمة، ثم العودة للتدبر في مجموعة الكلمات التي قرأتها. وبالمناسبة، هي طرقة مفيدة لقراءة الكتب، فالكتاب لا يُقرأ هرولة كالراوية، لكني أعرف أني كنت أمكث وقتا طويلا فوق رصيف كل كلمة كقط متسكع ينتظر باستبسال أن يفرغ بعض الرعاع من أكل السمك للإنقضاض على بقاياه.
قررت أن أضع خطة لكل مقالة أقرؤها، فبناءً على حساباتي الفلكية، يظهر القمر.. كلا كلا ..توارد أفكار.. بناءً على حساباتي الرياضية، وجدت أن قراءة الصفحة الواحدة تستغرق 10 دقائق بقراءة سريعة وواعية مع كتابة الحواشي. فالمقالة ذات الصفحات الثلاثون إذن ستسغرق 300 دقيقة وهذه كارثة كما تعلمون. لأن 300 دقيقة تعني 5 ساعات! هذا على افتراض أنك تمتلك الوقت اليوطوبي أو المثالي للقراءة..  أن تجد سكونا ومكتبا مجهزا وبدون منغصات ومشوشات. في يوم من الأيام أرادت سيدة إنجليزية أن تقرأ بعمق دون إزعاج لأن أصوات العصافير في حديقتها تمنعها من التركيز، فقررت بناء غرفة مصمتة لا يدخلها صوت ولا ضوء خارجي، مثل القبر. فرحت السيدة بهذا “القبر الجميل” للقراءة فواجهت مشكلة أشد من سابقتها.. هذا الجو الزؤام لا يتركها تقرأ دقيقتين إلا والنعاس يهاجمها!
عموما، بقيت أنا على حالتي أتظاهر بأني عرفت الطريقة المثلى للقراءة وفي داخلي عربة إسعاف تجهر بإيمان مدوٍ بأن الحل لم يأت بعد، إلى أن وجدت ذلك الموقع الإلكتروني. إنه موقع … كلا ليس بعد. كان يجب أن أقدمه بطريقة مسرحية مملة ثم أكتب اسم الموقع. عموما حقنا للدماء اسم الموقع Spritz لا تنس أن تكتبه بجدارة لو سمحت www.spritzinc.com. جربت طريقة spritz فوجدتها أفضل طريقة إلى الآن، وجربتها أكثر من يوم على مدار الأشهر الماضية، ثم قبل ثلاثة أيام قررت الاعتماد عليها كلية في القراءة بشكل تدريجي. والآن سأتحدث عن الطريقة.

كيف يقرأ الإنسان؟
تقوم فكرة Spritz على أبحاث تشير إلى أن 80% من الوقت الذي يقضيه الإنسان في القراءة هو الوقت الذي تستغرقه العين في الانتقال من كلمة إلى أخرى، وعليه فإن ما مجموعه 20% فقط هو الوقت المخصص لقراءة المحتوى واستيعابه! يا للكارثة. وشرع فريق العمل البحثي في إيجاد طريقة للاستفادة من ال80% المهدرة في المواصلات البصرية (إن شئت). إن العقل البشري حينما يقرأ الكلمة يركز على نقطة محددة فيها تسمى نقطة التعرف المثلى Optimal Recognition Point (ORP) وسوف تلاحظ هذه النقطة باللون الأحمر في موقع Spritz. فالعقل حينما يقرأ كلمة ما، تنظر العين إلى تلك النقطة ORP فيتعرف عليها العقل فورا. وللعلم فإن الدماغ يستطيع قراءة كلمة مكونة من 13 حرفا بحد أقصى قبل أن يبدأ بتجزيئها إذا م تجاوزت الأحرف ال13. ما فائدة هذا الأمر؟ كيف ستُستثمَر كل هذه الأبحاث في إيجاد طريقة لتسريع القراءة؟ هذا ما قامت به الشركة Spritz. ومعظمنا يعرف أن ثمة برامج كثيرة لتسريع القراءة، فما الفرق بين تلك البرامج أو الطرق وطريقة Spritz؟ لو فرضنا أن إنسانا يقرأ بمعدل 220 كلمة في الدقيقة فإن طريقة RSVP تسرع العملية إلى 260 كلمة أما Spritz فتزيدها إلى 330 كلمة.

والحق يقال إن المحاولات لتسريع القراءة كثيرة، فمنها ما ركز على تقليل المسافات بين الكلمات ومنها ما ركز على زيادة عدد الكلمات المقروءة من كلمة كلمة إلى كلمتين كلمتين  ثم ثلاث ثلاث ثم أربع أربع. وثمة طريقة أخرى تعتمد على عملية مسح بصري للصفحة تماما كفلاش الكاميرا، ثم يبدأ الإنسان في قراءة خاطفة لجمل متفرقة تساعده على استيعاب الموضوع كله. لكن كل هذه الطرق فشلت في إراحة العين من التنقل في المواصلات :) أي في التنقل بين كلمة وكلمة. ومن هنا جاءت فكرة Spritz. ماذا لو قرأت السطر كلمة كلمة وذلك من خلال رؤية كلمة واحدة من السطر تليها الكلمة الثانية بسرعة محددة؟ وهنا لا تنتقل عينك بين موضع وموضع بل الموضع ثابت والمتغير هو الكلمات المتدفقة. وقامت الشركة بتنفيذ الفكرة، وذلك بتخصيص مساحة رمادية مستطيلة على الموقع الإلكتروني للشركة لإظهار المقالات والكتب كلمة كلمة وبسرعات مختلفة يختارها القارئ. وهذا المستطيل يظهر الكلمات التي لا يتجاوز عدد حروفها 13 حرفا قبل أن يبدأ بتجزئة الكلمة إذا تجاوزت ذلك العدد.
فمثلا يمكنك نسخ نص ولصقه في مكان محدد في الموقع الإلكتروني وعلى الفور يقوم الموقع بإظهار النص كلمة كلمة في المستطيل الرمادي. يمكنك اختيار سرعة القراءة من 200 إلى 400 كلمة في الدقيقة إذا استخدمت موقع www.readsy.co لقراءة مقالات وكتب بصيغة PDF. وستجد الطريقة سهلة، حيث يمكنك رفع الكتاب من جاهز الحاسوب إلى الموقع بضغط زر واحدة، أو من خلال Dropbox إذا كنت تستعمل الهاتف الجوال أو الحاسب اللوحي. والصورة أدناه توضح طريقة عمل الموقع. وقد أوضحت ذلك على الصورة بثلاثة أرقام باللون الأحمر


الرقم 1 يشير إلى إمكانية لصق رابط مقالة أو كتاب أو نص تريد قراءته ثم تضغط على الزر Submit URL فيبدأ Spritz بإظهار كلمات النص كلمة كلمة في المستطيل الرمادي الموضع بالرقم 3 باللون الأحمر.
الرقم 2 يشير إلى إمكانية رفع ملف PDF أو ملف نصي .txt وبعد إتمام عملية الرفع حسب سرعة الإنترنت لديك، يبدأ Spritz بإظهار كلمات النص كلمة كلمة في المستطيل الرمادي الموضع بالرقم 3 باللون الأحمر.
الرقم 3 يشير إلى المستطيل الذي ستظهر فيه الكلمات كلمة كلمة مع إمكانية إيقاف تدفق الكلمات إذا تعبت والإستئناف من حيث توقف، ويمكن الرجوع جملة كاملة (حسب علامات التنقيط من فاصلة ونقطة وغيرها)، يومكن الذهاب إلى الأمام بمقادر جملة كاملة، ويمكنك أيضا الرجوع إلى نقطة بداية المقالة أو الكتاب.

وقد جربت هذه الطريقة فوجدت أنني أرتاح إلى قراءة 250 كلمة في الكتب العامة والروايات، أما في الكتب والمقالات المتخصصة فارتحت إلى 200 كلمة. الموقع يتيح لك القراءة بأقل من 200 كلمة أو أكثر من 400 إذا سجلت فيها مجانا! والتسجيل يسألك فقط عن اسمك وبريدك الإلكتروني وكلمة مرور وصلى الله وبارك!
والطريف أن شركة Spritz لم تنتج برامجا لها بل تعتمد على المطورين في ذلك، فعلى سبيل المثال اشتريتُ أمس تطبيق ReadMe من متجر أپل ستور مقابل مبلغ زهيد 1.49 جنيه استرليني أي ما يعادل دولارين. وهذا التطبيق يتيح تحميل ورفع كتب بصيغة ePub سواء من مواقع إلكترونية أو من خلال Dropbox. بالطبع هناك برامج متعددة سواء على متجر أپل  أو أندرويد ويمكنك تحميل أو شراء ما يناسبك.
أخيرا، يجب التنويه أن طرق تسريع القراءة مثلها مثل الملابس. ما يناسب مقاسي ليس شرطا أن يناسبك! إذا كنت أحب اللون “البنفتحي” فهذا لا يعني سيروقك! أنا ارتحت لطريقة Spritz وآمل أن تحل مشكلتي مع القراءة البطيئة والوصول إلى معدل 400 كلمة في الدقيقة خلال العام الحالي.
أتمنى أن تكون هذه المقالة قد ساعدتك في تسريع قراءتك، ولا تنس أن تشارك هذه المقالة مع أصدقائك او طرح أسئلة إن شئت.
وحتى نلتقي،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © مدونة ابانتك

مدونةابانتك